عالم الفجوة السوداء

عالم الفجوة السوداء

فراغٌ لانهائي، بلا أرض ولا سماء، فقط صدى الأصوات التي يبتلعها، يُعتقد أنه المكان الذي تذوب فيه الأزمنة.

العصر: ما قبل/بعد الزمن · العاصمة: مركز الصدى · السكان (تقريباً): 0

عالم الفجوة السوداء

عالم الفجوة السوداء ليس مجرد فكرة غامضة تتردد في الأساطير، بل هو أحد أكثر الأبعاد التي حيّرت كل من حاول فهمه. يوصف بأنه فراغٌ مطلق، بلا أرض ولا سماء، مكان تتلاشى فيه الحدود بين الماضي والمستقبل، حيث الأصوات تذوب وتُبتلع، والزمان نفسه ينصهر حتى يصبح بلا معنى. إنه البعد الذي يقف على تخوم العدم، نقطة اللاعودة التي يخشى الكثيرون حتى التفكير بالوصول إليها.

طبيعة العالم

في الفجوة السوداء، لا وجود للثبات. كل شيء في حالة سيولة: الزمن يذوب ويتقطّع إلى ومضات متفرقة، الأصوات تتخذ أشكالًا مادية وتتحول إلى مسارات أو جدران أو حتى كائنات، والضوء يظهر كشرارات باهتة سرعان ما تخبو. لا توجد أرض صلبة، بل هناك «سطوح وهمية» تتكوّن وتذوب في لحظات عشوائية، يصفها من نجا بأنها كألواح من زجاج غير مرئي يمكن الوقوف عليها لثوانٍ معدودة قبل أن تتفتت تحت الأقدام.

الهواء نفسه مختلف: ثقيل، بارد، ويشعر الداخل وكأنه يتنفس ذرات من الصدى بدل الأوكسجين. هذا الصدى هو كل ما يملأ المكان، أصوات لم نعرف مصدرها، بعضها يشبه الهمسات البشرية، وبعضها أقرب إلى أنين معدني أو ترتيل لا يشبه أي لغة مألوفة.

القوانين الغريبة للفجوة

  • الزمن: لا يسير بخط مستقيم، بل يتعرّج ويتقاطع. قد يرى المسافر أحداثًا لم تحدث بعد، أو يسمع صدى لكلمات لم تُنطق بعد. في لحظة واحدة قد يعيش بداية ونهاية القصة في آنٍ واحد.

  • الأصوات: ليست مجرد موجات، بل مادة حقيقية يمكن أن تُبنى منها جسور أو جدران. هناك من تحدث عن أسواق كاملة في مركز الصدى حيث تُتبادل الذكريات على شكل أصوات متجسدة.

  • الأسماء: نطق اسمك أكثر من مرة هنا قد يعني فقدانه للأبد. هناك قاعدة صارمة بين العابرين: لا تنادِ نفسك بصوت عالٍ، فالفجوة تسرق الهوية وتعيد تشكيلها كصدى مستقل قد يحل محلك.

مركز الصدى

رغم أن الفجوة تبدو لانهائية، إلا أن هناك مكانًا يُعرف بـ مركز الصدى، وهو عقدة كثيفة من الذبذبات الصوتية المتشابكة. من يقترب منه يرى ظلالًا هندسية مكوّنة من تراكمات الهمسات والأنين: أهرامات من الهمس، جسور من التراتيل، وأسواق يبيع فيها الغرباء ذكرياتهم مقابل لحظات من الاستقرار أو طريق للنجاة.
العملة الوحيدة هنا هي الذاكرة، وما تتخلى عنه منها قد لا يعود إليك أبدًا، أو قد يعود مشوّهًا بشكل يجعلك غريبًا حتى عن نفسك.

أساطير وقصص من الفجوة

  • حادثة الجسر الحزين: في القرن التاسع عشر، يقال إن مجموعة من العابرين أنشأوا جسرًا من أنين جماعي ليستطيعوا عبور الفراغ. الجسر استمر ثماني دقائق فقط، ثم انهار وسقط معظمهم في العدم. الناجون تحدثوا عن صدى حزين ظل يتردّد في المكان لعقود.

  • النداء الذي سبق صاحبه: في بدايات القرن الحادي والعشرين، التقط مرصد غامض إشارة استغاثة قادمة من الفجوة. بعد عشر سنوات تمامًا، ظهر مصدرها الحقيقي في عالمنا، وكأن النداء سبق قائله بسنوات.

  • بعثة الساعة المعكوسة: فريق من الباحثين حاول دخول الفجوة في السبعينيات. عادوا بساعة تتحرك عقاربها للخلف فقط، وبذكريات متناقضة لم يتفقوا على نقطة البداية. بعضهم عاش بقية حياته في صمت كامل، كما لو أن الفجوة ما زالت تبتلع أصواتهم.

لماذا يخاف الناس من الفجوة؟

الخوف من عالم الفجوة السوداء ليس مجرد خوف من المجهول، بل من الحقيقة التي يكشفها: أن الزمن نفسه وهم هش، وأن كل ما نعتمد عليه في إدراكنا للعالم قد يتلاشى في لحظة. الفجوة مرآة كونية تكشف هشاشة وجودنا، وتجعلنا ندرك أن النهاية ليست موتًا فحسب، بل إمكانية فقدان المعنى ذاته.

البحث والفضول

مع ذلك، تبقى الفجوة السوداء هدفًا لكثير من المستكشفين والباحثين عن المعرفة المطلقة. هناك من يعتقد أنها تحتوي على أسرار بداية الكون ونهايته، وأن من يفهم قوانينها قد يملك القدرة على التحكم بالزمن نفسه. لكن الثمن دائمًا فادح: الذكريات، الهويات، وربما الروح ذاتها.


عالم الفجوة السوداء هو التجسيد المطلق للعدم، لكنه أيضًا وعدٌ بمعرفة ما لا يمكن للعقل البشري إدراكه. إنه مكان يُخيف ويُسحر في الوقت ذاته، لأنه يذكّرنا أن كل ما نعرفه ليس إلا خيطًا رفيعًا في نسيجٍ أكبر، وأن خلف هذا الخيط تمتد هاوية بلا نهاية، تصغي إلى كل همساتنا… وتبتلعها.

شخصيات من هذا العالم

لا توجد شخصيات مدرجة لهذا العالم.

مقالات مرتبطة

لا توجد مقالات مرتبطة حالياً.